للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجزاء. فقال رجل: أعطوني جزءًا منها بشاة، فقال أبو بكر: لا يصلح هذا. قال الشافعي: ولست أعلم لأبي بكر في ذلك مخالفا من الصحابة (١).

والصواب في هذا الحديث ــ إن ثبت ــ أن المراد به إذا كان الحيوان مقصودًا للَّحم كشاةٍ يقصد لحمُها، فيباع (٢) بلحم؛ فيكون قد باع لحمًا بلحمٍ أكثرَ منه من جنس واحد. واللحم قوت موزون، فيدخله ربا الفضل.

وأما إذا كان الحيوان غير مقصود به اللحم، كما إذا كان غيرَ مأكول أو مأكولًا لا يُقصَد لحمُه كالفرس تباع بلحم إبل؛ فهذا لا يحرم بيعه به.

بقي إذا كان الحيوان مأكولًا لا يُقصَد لحمُه، وهو من غير جنس اللحم، فهذا يشبه المزابنة بين الجنسين كبيع صُبْرَةِ تمرٍ بصُبْرة زبيب. وأكثر الفقهاء لا يمنعون من ذلك، إذ غايته التفاضل بين الجنسين، والتفاضل المتحقِّق جائز بينهما فكيف بالمظنون؟ وأحمد في إحدى الروايتين عنه يمنع ذلك، لا لأجل التفاضل، ولكن لأجل المزابنة وشبه القمار؛ وعلى هذا فيمتنع بيعُ اللحم بحيوان من غير جنسه. والله أعلم.

فصل

وأما قوله: «ومنَعَ المرأة من الإحداد على أبيها وابنها (٣) فوق ثلاث، وأوجَبه على زوجها أربعة أشهر وعشرًا وهو أجنبي»، فيقال: هذا من تمام محاسن هذه الشريعة، وحكمتها، ورعايتها لمصالح العباد على أكمل


(١) نقله المصنف من «الاستذكار» (٦/ ٤٢٦).
(٢) يعني الحيوان. وكذا في ت، ف. ولم ينقط حرف المضارع في ح، ع. وفي النسخ المطبوعة: «فتباع»، أي الشاة.
(٣) ع: «أمها وأبيها»، وكذا في الطبعات القديمة. وفي المطبوع زاد على ذلك: «وابنها»!