للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ذلك ما يسوِّغ التقليدَ في أحكام الدين، والإعراضَ عن القرآن والسنن، ونصْبَ رجل بعينه ميزانًا على كتاب الله وسنة رسوله؟

الوجه الثالث والستون: قولكم: «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عقبة بن الحارث أن يقلّد المرأة التي أخبرته بأنها أرضعته وزوجته» (١)، فيا لله العجب! فأنتم لا تقلّدونها في ذلك، ولو كانت إحدى أمهات المؤمنين، ولا تأخذون بهذا الحديث، وتتركونه تقليدًا لمن قلّدتموه دينكم، وأيُّ شيء في هذا مما يدل على التقليد في دين الله؟ وهل هذا إلا بمنزلة قبول خبر (٢) المخبر عن أمر حسي يخبر به، وبمنزلة قبول الشاهد؟ وهل كان مفارقة عقبة لها تقليدًا لتلك الأمة أو اتباعًا لرسول الله (٣) حيث أمره بفراقها؟ فمن بركة التقليد أنكم لا تأمرونه بفراقها، وتقولون: هي زوجتك حلال وطؤها، وأما نحن فمن حقوق الدليل علينا أن نأمر من وقعت له هذه الواقعة بمثل ما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعقبة بن عامر (٤) سواء، ولا نترك الحديث تقليدًا لأحد.

الوجه الرابع والستون: قولكم: «قد صرّح الأئمة بجواز التقليد كما قال سفيان: إذا رأيت الرجل يعمل العمل وأنت ترى غيره فلا تتَّهمْه (٥) (٦). وقال


(١) تقدم تخريجه.
(٢) «خبر» ليست في ت، ع.
(٣) ع: «لسنة رسول الله».
(٤) كذا في النسخ. وهو عقبة بن الحارث بن عامر. نُسِب إلى جدّه. انظر: «الإصابة» (٧/ ٢٠٢). وفي المطبوع: «عامر».
(٥) في هامش د والمطبوع: «فلا تنهه».
(٦) تقدم تخريجه.