للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل في قصة يوسف تنبيهٌ على بطلان الحيل، وأن من كاد كيدًا محرَّمًا فإن الله يكيده ويعامله بنقيض قصده وبمثل عمله، وهذه سنة الله في أرباب الحيل المحرَّمة أنه لا يبارك لهم فيما نالوه بهذه الحيل، ويهيِّئ لهم كيدًا على يد من يشاء من خلقه يجزون به من جنس كيدهم وحيلهم.

وفيها تنبيه على أن المؤمن المتوكِّل على الله إذا كاده الخلق فإن الله يكيد له وينتصر له بغير حولٍ منه ولا قوة.

وفيها دليل على أن وجود المسروق بيد السارق كافٍ في إقامة الحد عليه، بل هو بمنزلة إقراره، وهو أقوى من البينة، وغاية البينة أن يستفاد منها ظن، وأما وجود المسروق بيد السارق فيستفاد منه اليقين وبهذا جاءت السنة في وجوب الحد بالحَبَل والرائحة في الخمر كما اتفق عليه الصحابة، والاحتجاج بقصة يوسف على هذا أحسن وأوضح (١) من الاحتجاج بها على الحيل.

وفيها تنبيه على أن العلم الخفي الذي يُتوصَّل به إلى المقاصد الحسنة مما يرفع الله به درجاتِ العبد؛ لقوله بعد ذلك: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [يوسف: ٧٦]، قال زيد بن أسلم وغيره: بالعلم (٢). وقد أخبر تعالى عن رفعه درجات أهل العلم في ثلاث (٣) مواضع من كتابه:


(١) د: «حسن وأصح».
(٢) رواه ابن وهب في «الموطأ» (٢٧٤) وابن أبي حاتم في «التفسير» (٤/ ١٣٣٥) وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (١٠٦٩)، وإسناده صحيح.
(٣) كذا في النسختين بدون هاء.