للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصل الثالث: أن من مثَّل بعبده عتَق عليه. وهذا مذهب فقهاء الحديث، وقد جاءت بذلك آثار مرفوعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (١) وأصحابه كعمر بن الخطاب (٢) وغيره.

فهذا الحديث موافق لهذه الأصول الثلاثة الثابتة بالأدلة الموافقة للقياس العادل. فإذا طاوعته الجارية فقد أفسدها على سيدتها، فإنها مع المطاوعة تنقص قيمتها إذ تصير زانية، ولا تمكن سيدتها من استخدامها حقَّ الخدمة، لغيرتها منها وطمعها في السيِّد، واستشراف السيِّد إليها. وتتشامخ على سيدتها، فلا تطيعها كما كانت تطيعها قبل ذلك. والجاني إذا تصرَّف في المال بما ينقص قيمته كان لصاحبه المطالبة بالمثل، فقضى الشارع لسيِّدتها بالمثل، وملَّكه الجاريةَ، إذ لا يجمع لها بين العوض والمعوض. وأيضًا فلو رضيت سيدتها أن تبقى الجارية على ملكها وتغرِّمه ما نقص من قيمتها كان لها ذلك. فإذا لم ترضَ وعلمت أن الأمة قد فسدت


(١) رواه أحمد (٦٧١٠، ٧٠٩٦)، وأبو داود (٤٥١٩)، وابن ماجه (٢٦٨٠) من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا. ويشهد له الحديث الآتي عَقِبَ هذا. ويُنظر أيضًا: «المسند الصحيح» لمسلم (١٦٥٧، ١٦٥٨).
(٢) رواه الطحاوي في «بيان المشكل» (١٣/ ٣٦١)، والعقيلي في «الضعفاء» (٢٥٠/ب)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (٨٦٥٧)، وابن عدي في «الكامل» (٦/ ١١٨)، وابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (٥٦٣)، والحاكم (٢/ ٢١٥ - ٢١٦، ٤//٣٦٨) ــ وصحّح سنده! ــ، والبيهقي (٨/ ٣٦). وفي سندِ الخبرِ: عمرُ بن عيسى القرشي، وهو واهٍ، منكر الحديث. ويُنظر: «المصنف» لعبد الرزاق (١٧٩٢٨ - ١٧٩٣١)، و «المحلى» لابن حزم (٩/ ٢١٢)، و «مسند الفاروق» لابن كثير (٢/ ٧١ - ٧٢)، و «لسان الميزان» لابن حجر (٦/ ١٢٨ - ١٣٠).