للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]، وقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، ونظائر ذلك؛ فلا يجوز أن يُجعل بيان الشروط والموانع معارضةً لبيان الأسباب والموجبات فتعود السنة كلها أو أكثرها معارضة للقرآن، وهذا محال.

المثال الحادي والأربعون: ردُّ السنة الصحيحة الصريحة المحكمة بأن ذكاة الجنين ذكاة أمه (١)، بأنها خلاف الأصول وهي تحريم الميتة، [٩٢/أ] فيقال: الذي جاء على لسانه تحريم الميتة هو الذي أباح الأجنَّة المذكورة؛ فلو قُدِّر أنها ميتة لكان استثناؤها بمنزلة استثناء السمك والجراد من الميتة، فكيف وليست بميتة؟ فإنها جزء من أجزاء الأم، والذكاة قد أتت على جميع أجزائها، فلا يحتاج أن يفرد كل جزء منها بذكاة، والجنين تابع للأم جزء منها؛ فهذا هو مقتضى الأصول الصحيحة لو لم تَرِد السنة بالإباحة، فكيف وقد وردت بالإباحة الموافقة للقياس والأصول؟

فإن قيل: فالحديث حجة عليكم؛ فإنه قال: «ذكاة الجنين ذكاة أمه»، والمراد التشبيه، أي ذكاته كذكاة أمه، وهذا يدلُّ (٢) على أنه لا يباح إلا بذكاةٍ تُشبِه ذكاة الأم.


(١) ورد فيه عدة أحاديث، منها ما أخرجه أحمد (١١٢٦٠) وأبو داود (٢٨٢٧) والترمذي (١٤٧٦) من حديث أبي سعيد الخدري، وفي إسناده مجالد بن سعيد، ولكن تابعه يونس بن أبي إسحاق عند أحمد (١١٣٤٣)، وهو ثقة. وحسَّنه الترمذي، وصححه ابن حبان (٥٨٨٩)، والحديث صحيح. انظر: «إرواء الغليل» (٨/ ١٧٢).
(٢) ع: «دليل».