للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر أبو عمر في كتاب «التمهيد» (١) أنَّ الله سبحانه أوحى إلى نبيٍّ من أنبيائه أنْ قُلْ لفلانٍ الزاهد: أمَّا زُهدُك في الدنيا، فقد تعجَّلْتَ به الراحةَ. وأما انقطاعُك إليَّ، فقد اكتسبْتَ به العزَّ. ولكن ماذا عملْتَ فيما لي عليك؟ فقال: يا ربِّ، وأيُّ شيءٍ لك عليَّ؟ قال: هل واليتَ فيَّ وليًّا، أو عاديتَ فيَّ عدوًّا؟

فصل

قوله: «فمن خلصت نيته في الحق، ولو على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين الناس. ومن تزيَّنَ بما ليس فيه شانه اللهُ» هذا شقيق كلام النبوة، وهو جدير بأن يخرج من مشكاة المحدَّث الملهَم. وهاتان الكلمتان من كنوز العلم، ومَن أحسن الإنفاقَ منهما نفَع غيرَه، وانتفَع غايةَ الانتفاع.

فأما الكلمة الأولى فهي منبعُ الخير وأصلُه، والثانية أصلُ الشرِّ وفصلُه. فإن العبد إذا خلصت نيتُه لله وكان قصدُه وهمُّه وعملُه لوجهه سبحانه كان الله معه، فإنه سبحانه مع الذين اتقَّوا والذين هم محسنون. ورأس التقوى والإحسان خلوصُ النية لله في إقامة الحق. والله سبحانه لا غالب له، فمَن كان معه [٣٤٨/ب] فمَن ذا الذي (٢) يغلبه أو يناله بسوء؟ فإن كان الله مع


(١) (١٧/ ٤٣٤). ورواه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (١٠/ ٣١٦)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (٤/ ٣٣٠) كلاهما من طريق حميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعًا. في إسناده حميد الأعرج وهو ضعيف، والحديث ضعفه الألباني. انظر: السلسلة الضعيفة (٧/ ٣٥١).
(٢) ح، ف: «فمن الذي».