للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحالفين بالعتق والطلاق، هل تجد الحالف بهذا ممن يبتغي به (١) وجه الله والتقرُّب إليه بإعتاق هذا العبد؟ وهل تجد الحالف بالطلاق ممن له وَطَرٌ في طلاق زوجته؟ فرضي الله عن حَبْر الأمة، لقد شَفَتْ كلمتاه هاتان الصدورَ، وطبَّقتا المفصلَ، وأصابتا المَحَزَّ، وكانتا برهانًا على استجابة دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له أن يعلِّمه الله التأويل ويفقِّهه في الدين (٢).

ولا (٣) يُوحِشنَّك من قد أقرَّ على نفسه هو وجميع أهل العلم أنه ليس من أولي العلم، فإذا ظَفِرتَ برجل من أولي العلم طالبٍ للدليل مُحكِّم له متبعٍ للحق حيث كان وأين كان ومع من كان زالت الوحشة وحصلت الألفة، ولو خالفك فإنه يخالفك ويعذرك، والجاهل الظالم يخالفك بلا حجة ويكفِّرك أو يبدِّعك بلا حجة، وذنبك رغبتُك عن طريقته الوخيمة وسيرتِه الذميمة، فلا تغترَّ بكثرة هذا الضرب، فإن الآلاف المؤلَّفة منهم لا يُعدَلون بشخص واحد من أهل العلم، والواحد (٤) من أهل العلم يُعدَل بمِلْء الأرض منهم.

واعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالِم صاحب الحق، وإن كان وحده، وإن خالفه أهل الأرض. قال عمرو بن ميمون الأودي: صحبتُ معاذًا باليمن، فما فارقته حتى واريتُه في التراب [١٣١/ب] بالشام، ثم صحبتُ مِن بعده أفقهَ الناس عبد الله بن مسعود، فسمعته يقول: عليكم


(١) «به» ليست في ز، ب.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) قبلها في النسختين: «فان». وكُتب عليها «كذا». ولعلها خطأ من ناسخ الأصل، بقي كما هي.
(٤) ك: «واحد».