للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به، ولا تحكم به، وادفعه عنك. وقسمٌ من مسائل الاجتهاد التي الأدلَّةُ فيها متجاذبة، فإن شئت [٢١٢/ب] أن تفتي به، وإن شئت أن تدفعه عنك. فقال: جزاك الله خيرًا، أو كما قال.

وقالت طائفة أخرى، منهم أبو عمرو بن الصلاح (١)، وأبو عبد الله بن حمدان (٢): من وجد حديثًا يخالف مذهبه، فإن كملت آلة الاجتهاد فيه مطلقًا، أو في مذهب إمامه، أو في ذلك النوع، أو في تلك المسألة؛ فالعملُ بذلك الحديث أولى. وإن لم تكمل آلته، ووجد في قلبه حزازةً من مخالفة الحديث بعد أن بحث فلم يجد لمخالفيه عنه (٣) جوابًا شافيًا؛ فلينظر: هل عمِل بذلك الحديث إمامٌ مستقِلّ أم لا؟ فإن وجده فله أن يتمذهب بمذهبه في العمل بذلك الحديث، ويكون ذلك عذرًا له في ترك مذهب إمامه في ذلك. والله أعلم.

الفائدة الخمسون: هل للمفتي المنتسب إلى مذهب إمام بعينه أن يفتي بمذهب غيره إذا ترجَّح عنده؟

فإن كان سالكًا سبيل ذلك الإمام في الاجتهاد ومتابعة الدليل أين كان ــ وهذا هو المتَّبِع للإمام حقيقةً ــ فله أن يفتي بما ترجَّح عنده من قول غيره. وإن كان مجتهدًا متقيِّدًا بأقوال ذلك الإمام لا يعدوها إلى غيرها، فقد قيل: ليس له أن يفتي بغير قول إمامه. فإن أراد ذلك حكاه عن قائله حكاية محضة.


(١) في «أدب المفتي والمستفتي» (ص ١٢١).
(٢) في «صفة الفتوى» (ص ٣٨).
(٣) في النسخ المطبوعة: «لمخالفته عنده». وفي «أدب المفتي» كما أثبت من النسخ الخطية.