للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للصائم (١) وقت محدود وهو الغروب. وللحج مكان مخصوص لا يمكن إحلال المحرَّم قبل وصوله إليه، كما لا يمكن فطر الصائم قبل وصوله إلى وقت الفطر، فلا يمكنه فعلُه ولا فعلُ الحج ثانيًا في وقته، بخلاف الصلاة فإنه يمكنه فعلها ثانيًا في وقتها. وسرُّ الفرق أن وقت الصيام والحج بقدر فعلِه، لا يسع غيره؛ ووقت الصلاة أوسع منها، فيسع غيرها، فيمكنه تداركُ فعلها إذا فسدت في أثناء الوقت. ولا يمكن تدارك الصيام والحج إذا فسدا إلا في وقت آخر نظير الوقت الذي أفسدهما فيه. والله أعلم.

فصل

وأما من أكل في صومه ناسيًا، فمن قال: «عدمُ فطره ومضيُّه في صومه على خلاف القياس» ظن أنه من باب ترك المأمور ناسيًا، والقياس (٢) أنه يلزمه الإتيان بما تركه، كما لو أحدث ونسي حتى صلَّى. والذين قالوا: «بل هو على وفق القياس» حجتهم أقوى، لأن قاعدة الشريعة أن من فعل محظورًا ناسيًا فلا إثم عليه، كما دلَّ عليه قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]. وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله سبحانه استجاب هذا الدعاء، وقال: قد فعلتُ (٣). [٢٦٣/ب] وإذا ثبت أنه غير آثم فلم يفعل في صومه محرَّمًا فلم يبطل صومه. وهذا محض القياس، فإن العبادة إنما تبطل بفعل محظور أو ترك مأمور.


(١) في النسخ المطبوعة: «للصيام».
(٢) ع: «المأمور باتساق القياس»، تحريف طريف.
(٣) أخرجه مسلم (١٢٦) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.