للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستثناءً، أي: لا يكون ذلك أبدًا، ولكن إن شاءه الله كان، فإنه سبحانه عالم بما لا نعلمه نحن من الأمور التي تقتضيها حكمته وحمده (١).

فصل

فالتحقيق في المسألة أن المستثني إما أن يقصد بقوله: «إن شاء الله» التحقيق أو التعليق؛ فإن قصد به التحقيق والتأكيد وقع الطلاق، وإن قصد به التعليق وعدم الوقوع في الحال لم تطلَّق. هذا هو الصواب في المسألة، وهو اختيار شيخنا (٢) وغيره من الأصحاب. وقال أبو عبد الله ابن حمدان في «رعايته»: قلت: إن قصد التأكيد والتبرك وقع، وإن قصد التعليق وجهل استحالة العلم بالمشيئة فلا، وهذا قول آخر غير الأقوال الأربعة المحكية في المسألة، وهو أنه إنما ينفعه الاستثناء إذا قصد التعليق وكان جاهلًا باستحالة العلم بمشيئة الله تعالى، فلو علم استحالة العلم بمشيئته سبحانه لم ينعقد الاستثناء. والفرق بين علمه بالاستحالة وجهله بها أنه إذا جهل استحالة العلم بالمشيئة فقد علَّق الطلاق بما هو ممكن في ظنّه فيصح تعليقه، وإذا لم يجهل استحالة العلم بالمشيئة فقد علّقه على محال يعلم استحالته فلا يصح التعليق، وهذا أحد الأقوال في تعليقه بالمحال.

قلت: وقولهم: «إن العلم بمشيئة الربّ محال» خطأ محض، فإن مشيئة الرب تُعلم بوقوع الأسباب التي تقتضي مسبباتها؛ فإن مشيئة المسبّب مشيئة لحكمه، فإذا أوقع عليها بعد ذلك طلاقًا علمنا أن الله قد شاء طلاقها.


(١) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «وحده».
(٢) في «مجموع الفتاوى» (١٣/ ٤٤).