للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يؤدِّي بإحسان. ووفاء الدين ليس هو البيع الخاص، وإن كان فيه شوبُ [٢٣٩/أ] المعاوضة.

وقد ظنَّ بعضُ الفقهاء أن الوفاء إنما يحصل باستيفاء الدين، بسبب أن الغريم إذا قبض الوفاء صار في ذمته للمدين (١) مثله، ثم يقاصُّ ما عليه بما له. وهذا تكلُّف أنكره جمهور الفقهاء، وقالوا: بل نفسُ المال الذي قبضه يحصل به الوفاء، ولا حاجة أن يقدِّر في ذمة المستوفي دينًا. وأولئك قصدوا أن يكون وفاء دين بدين (٢)، وهذا لا حاجة إليه فإن الدين من جنس المطلق الكلي، والمعيَّن من جنس المعيَّن. فمن ثبت في ذمته دين مطلق كلّي، فالمقصود منه هو الأعيان الموجودة، وأيُّ معين استوفاه حصل به المقصود من ذلك الدين المطلق.

فصل

وأما القرض فمن قال: «إنه على خلاف القياس»، فشبهته أنه بيع ربوي بجنسه مع تأخُّر القبض. وهذا غلط، فإن القرض من جنس التبرُّع بالمنافع كالعارية. ولهذا سمَّاه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - منيحةً، فقال: «أو منيحةَ ذهبٍ أو منيحةَ وَرِقٍ» (٣).


(١) في النسخ المطبوعة: «ذمة المدين».
(٢) في النسخ المطبوعة: «بدين مطلق». ولم ترد كلمة «مطلق» في «مجموع الفتاوى» أيضًا.
(٣) رواه أحمد (١٨٤٠٣) من حديث النعمان بن بشير مرفوعًا. وله شاهد من حديث البراء بن عازب مرفوعا، رواه أحمد (١٨٦١٦، ١٨٦٦٥، ١٨٧٠٤)، وصححه الترمذي (١٩٥٧)، وابن حبان (٢٥٧). ويُنظر: «المسند» للبزار (٣٢٢٥).