للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني قاذفًا له. ولو بذلتْ له مالًا على أن يطلقها، فقال: «أنتِ طالق إن كلَّمتِ السلطان»، لم يستحق المال، ولم يكن مطلّقًا.

وقالت طائفة أخرى: لا حاجة إلى شيء من ذلك، والحالف لم يُدخِل هذه الصورة في عموم كلامه، وإن دخلت فهي من المخصوص بالعرف والعادة والعقل؛ فإنه لم يُرد هذه الصورة قطعًا، ولا خطرتْ بباله، ولا تناولها لفظه؛ فإنه إنما تناول [١١٦/أ] لفظُه القولَ الذي يصح أن يقال له، وقولها: «أنت طالق ثلاثًا» ليس من القول الذي يصح أن يواجه به؛ فهو لغو محض وباطل، وهو بمنزلة قولها: «أنت امرأتي» وبمنزلة قول الأمة لسيدها: «أنتِ أمتي وجاريتي» ونحو هذا من الكلام اللغو الذي لم يدخل تحت لفظ الحالف ولا إرادته، أما عدم دخوله تحت إرادته فلا إشكال فيه، وأما عدم تناول لفظه له فإن اللفظ العام إنما يكون عامًّا فيما يصلح له وفيما سِيق لأجله.

وهذا أقوى من جميع ما تقدم، وغايته تخصيص العام بالعرف والعادة، وهذا أقرب لغةً وعقلًا وشرعًا من جعْلِ ما تقدم مطابقًا ومماثلًا لكلامها، فتأملْه، والله الموفق.

المثال الثالث عشر: إذا خاف الرجل لضيق الوقت أن يحرم بالحج فيفوته فيلزمه القضاء ودم الفوات؛ فالحيلة أن يُحرِم إحرامًا مطلقًا ولا يعينه؛ فإن اتسع له (١) الوقت جعله حجًّا أو قِرانًا أو تمتعًا، وإن ضاق عليه الوقت جعله عمرة، ولا يلزمه غيرها.

المثال الرابع عشر: إذا جاوز الميقاتَ غيرَ محرم لزمه الإحرام ودم لمجاوزته للميقات غير محرم. والحيلة في سقوط الدم عنه أن لا يحرم من


(١) «له» ليست في ز.