للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما التعزير، ففي كلِّ معصية لا حدَّ فيها ولا كفارة. فإن المعاصي ثلاثة أنواع (١): نوع فيه الحدُّ، ولا كفارة فيه. ونوع فيه الكفارة، ولا حدَّ فيه. ونوع لا حدَّ فيه ولا كفارة. فالأول كالسرقة والشرب والزنا والقذف. والثاني كالوطء في نهار رمضان، والوطء في الإحرام. والثالث كوطء الأمة المشتركة بينه وبين غيره، وقبلة الأجنبية والخلوة بها، ودخول الحمام بغير مئزر، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير، ونحو ذلك.

فأما النوع الأول فالحدُّ فيه مُغْنٍ عن التعزير. وأما الثاني (٢) فهل يجب مع الكفارة فيه تعزير أم لا؟ على قولين [٣٠٨/ب] وهما في مذهب أحمد (٣). وأما الثالث، ففيه التعزير قولًا واحدًا. ولكن هل هو كالحد، فلا يجوز للإمام تركه، أو هو راجع إلى اجتهاد الإمام في إقامته وتركه، كما يرجع إلى اجتهاده في قدره؟ على قولين للعلماء، الثاني قول الشافعي، والأول قول الجمهور.

وما كان من المعاصي محرَّمَ الجنس كالظلم والفواحش، فإن الشارع لم يشرع له كفارة. ولهذا لا كفارة في الزنا وشرب الخمر وقذف المحصنات والسرقة. وطردُ هذا أنه لا كفارة في قتل العمد ولا في اليمين الغموس كما يقوله أحمد وأبو حنيفة ومن وافقهما. وليس ذلك تخفيفًا عن مرتكبهما، بل لأن الكفارة لا تعمل في هذا الجنس من المعاصي، وإنما عملُها فيها (٤) فيما


(١) انظر: «الطرق الحكمية» (١/ ٢٨١) و «زاد المعاد» (٥/ ١٨) و «الداء والدواء» (ص ١١٣).
(٢) في النسخ المطبوعة: «النوع الثاني»، وكذا «النوع الثالث» فيما يأتي.
(٣) كذا في «الزاد» (٥/ ١٩) أيضًا. وفي «الطرق الحكمية» (١/ ٢٨١): «وهما لأصحاب أحمد وغيرهم».
(٤) «فيها» ساقط من ع.