للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثال الخامس والخمسون: إذا حلف لغادر أو جاسوس أو سارق أن لا يخبر به أحدًا، ولا يدلّ عليه؛ فأراد التخلُّص [١٢٦/ب] من هذه اليمين وأن لا يُخفيه؛ فالحيلة أن يسأل عن أقوام هو من جملتهم؛ فإذا سئل عن غيره قال: لا، فإذا انتهت النوبة إليه سكت؛ فإنه لا يحنث ولا يأثم بالستر عليه وإيوائه.

وسئل أبو حنيفة - رحمه الله - عن هذه المسألة بعينها، قال له السائل: نزل بي اللصوص؛ فأخذوا مالي واستحلفوني بالطلاق أن لا أُخبر أحدًا بهم؛ فخرجتُ فرأيتهم يبيعون متاعي في السوق جهرةً. فقال له: اذهبْ إلى الوالي فقل له يجمع أهل المحلَّة أو السِّكَّة الذين هم فيهم ثم يُحضِرهم ثم يسألك (١) عنهم واحدًا واحدًا؛ فإذا سألك عمن ليس منهم، فقل: ليس منهم، وإذا سألك عمن هو منهم فاسكتْ. ففعل الرجل؛ فأخذ الوالي متاعه منهم، وسلَّمه إليه (٢). فلو عُمِلت هذه الحيلة مع مظلوم لم تنفع، وحنث الحالف؛ فإن المقصود الدفع عنه، وبالسكوت قد أعانَ عليه، ولم يدفع عنه.

المثال السادس والخمسون: ما سئل عنه أبو حنيفة - رحمه الله - عن امرأة قال لها زوجها: أنت طالق إن سألتِني الخلعَ إن لم أخلعك، وقالت المرأة: كل مملوك لي حرٌّ إن لم أسألك الخلعَ اليوم؛ فجاء الزوج إلى أبي حنيفة فقال: أَحضِر المرأة؛ فأحضرها، فقال لها أبو حنيفة: سليه الخلعَ، فقالت: سألتك أن تخلعني (٣)، فقال له: قل لها قد خلعتُك على ألف درهم تُعطينها، فقال


(١) ك: «سألك».
(٢) ذكرها محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الحيل ضمن كتاب «الأصل» (٩/ ٤٧٤).
(٣) ك، ب: «الخلع أن تخلعني».