للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ومما يُظَن أنه يخالف القياس: ما رواه عليُّ بن رباح اللَّخْمي أن رجلًا كان يقود أعمى، فوقعا في بئر، فخرَّ البصير، ووقع الأعمى فوقه، فقتله. فقضى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بعقل البصير على الأعمى. فكان الأعمى يدور في الموسم، ويُنشد:

يا أيها الناس لقيتُ منكَرا

هل يعقِل الأعمى الصحيحَ المُبْصِرا

خرَّا معًا كلاهما تكسَّرا (١)

وقد اختلف الناس في هذه المسألة، فذهب إلى قضاء عمر هذا عبد الله بن الزبير، وشريح، وإبراهيم النخعي، والشافعي، وإسحاق، وأحمد.

وقال بعض الفقهاء: القياس [٢٧١/ب] أنه ليس على الأعمى (٢) ضمان البصير، لأنه الذي قاده إلى المكان الذي وقعا فيه، وكان سبب وقوعه عليه.


(١) رواه الدارقطني (٣١٥٤) ــ ومن طريقه البيهقي (٨/ ١١٢) ــ، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ٣١٠ - ٣١١). ورواه ابن أبي شيبة (٢٨٤٥٧) لكن الخبر عنده مختصَرٌ معتصَرٌ جدًّا، بيد أن وكيعًا تداركه بالشرح والإيضاح! خلافًا لأبي صالح وابن الحُباب ساقا الحكاية مُجوَّدةً على نَسَقٍ. وقد حسّن ابنُ كثيرٍ سندَ القصّة في «مسند الفاروق» (٢/ ٢٧٤)، مع أنّ السندَ منقطعٌ. وللقصّة طريق أخرى رواها ابن وهب عن الليث بن سعد، لكنها معضلةٌ ظاهرةُ الإعضالِ. ويُنظر: «المحلى» لابن حزم (١٠/ ٥٠٦)، و «التلخيص الحبير» لابن حجر (٤/ ٦٩).
(٢) في «المغني» (١٢/ ٨٥) ــ وهو مصدر النقل ــ: «ولو قال قائل: ليس على الأعمى».