للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى كل حال فلا عذرَ عند الله يوم لقائه لمن بلغه ما في المسألة من هذا الباب وغيره من الأحاديث والآثار التي لا معارضَ لها إذا نبذها وراء ظهره، وقلَّد من نهاه عن تقليده، وقال له: لا يحلُّ لك أن تقول بقولي إذا خالف السنة، وإذا صح الحديث فلا تعبأْ بقولي. وحتى لو لم يقل له ذلك لكان هذا هو الواجب عليه وجوبًا لا فُسحةَ له فيه، وحتى لو قال له خلاف ذلك لم يسَعْه إلا اتباع الحجة، ولو لم يكن في هذا الباب شيء من الأحاديث والآثار البتةَ، فإن المؤمن يعلم بالاضطرار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يعلِّم أصحابه هذه (١) الحيل، ولا يدلُّهم عليها، ولو بلغه عن أحد فعلُ شيء منها لأنكر عليه، ولم يكن أحد من أصحابه يفتي بها ولا يعلِّمها، وذلك مما يقطع به كل من له أدنى اطلاع على أحوال القوم وسيرتهم وفتاويهم. وهذا القدر لا يحتاج إلى دليل أكثر من معرفة حقيقة الدين الذي بعث الله به رسوله.

فصل

فلنرجع إلى المقصود، وهو بيان بطلان هذه الحيل على التفصيل، وأنها لا تتمشَّى لا على قواعد الشرع ومصالحه وحكِمَه ولا على أصول الأئمة.

قال شيخنا (٢): ومن الحيل الجديدة التي لا أعلم بين فقهاء الطوائف خلافًا في تحريمها: أن يريد الرجل أن يقف على نفسه وبعد موته على جهات متصلة، فيقول له أرباب الحيل: أَقِرَّ أن هذا المكان الذي بيدك وقفٌ


(١) ك: «هذا».
(٢) في «بيان الدليل» (ص ١٤٩ - ١٥٠).