للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعمرو، أو داري هذه له، فإن هذا لا يصح إقرارًا على أحد الوجهين للتناقض، ويصح هبةً. فأما إذا قال: «هذا الدين الذي على زيد لعمرو يستحقُّه دوني» صح ذلك قولًا واحدًا، كما لو قال: «هذه الدار له، أو هذا الثوب له» على أن الصحيح صحة الإقرار ولو أضاف الدينَ أو العينَ إلى نفسه، ولا تناقض؛ لأن الإضافة تصدُق مع كونه ملكًا للمقرّ له، فإنه يصح أن يقال: هذه دار [١٤٤/أ] فلان، إذا كان ساكنها بالأجرة، ويقول المضارب: دَيني على فلان، وهذا الدين لفلان، يعني أنه يستحقّ المطالبةَ به والمخاصمةَ فيه، فالإضافة تصدُق بدون هذا، ثم يأتي صاحب المال إلى من هو في ذمته، فيصالحه على بعضه أو يؤجِّله، ثم يجيء المقرّ له فيدَّعي على من عليه المال بجملته حالًا، فإذا أظهر كتاب الصلح والتأجيل قال المقرُّ له: هذا باطل، فإنه تصرّف فيما لا يملك المصالح، فإن كان الغريم إنما أقرَّ باستحقاق غريمه الدينَ مؤجّلًا أو بذلك القدر منه فقط بطلت (١) هذه الحيلة.

ونظير هذه الحيلة حيلة إيداع الشهادة، وصورتها أن يقول له الخصم: لا أقرُّ لك حتى تُبرِئني من نصف الدين أو ثلثه، وتُشهِد (٢) عليك أنك لا تستحقّ عليَّ بعد ذلك شيئًا، فيأتي صاحب الحق إلى رجلين فيقول: اشْهَدَا أني على طلب حقي كله من فلان، وأني لم أُبرِئه من شيء منه، وأني أريد أن أُظهِر مصالحته على بعضه لأتوصَّل بالصلح إلى أخذ بعض حقي، وأني إذا أَشهدتُ أني لا أستحق عليه سوى ما صالحني عليه فهو إشهاد باطل، وأني


(١) ز: «فطلب»، تحريف.
(٢) كذا في النسخ، وهو الصواب. وفي المطبوع: «وأشهد»، خطأ.