للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن أداة الشرط تُخلِص الفعل الماضي للاستقبال، فهذا الفعل مستقبل بوضع اللغة والعرف والاستعمال.

وأما كلام الإمام أحمد فإنه لو فهم من السائل ما حمله عليه القاضي لجزم بالحنث، ولم يقل: «أخاف»، فهو إنما يطلق هذه اللفظة فيما عنده فيه [١١٨/أ] نوع (١) توقُّفٍ. واستقراء أجوبته يدلُّ على ذلك. وإنما وجه هذا أنه جعل استدامة الرهن رهنًا كاستدامة اللبس (٢) والركوب والسكنى والجماع والأكل والشرب ونحو ذلك. ولما كان لها شَبَهٌ بهذا وشَبَهٌ باستدامة النكاح والطيب ونحوهما لم يجزم بالحنث، بل قال: أخاف أن يكون قد حنث، والله أعلم.

المثال الرابع والعشرون: هل تصح الشركة بالعروض والفلوس إن قلنا هي عروض والنقود المغشوشة؟ على قولين هما روايتان عن الإمام أحمد، فإن جوَّزنا الشركة بها لم يُحتَجْ إلى حيلة، بل يكون رأس المال قيمتها وقت العقد، وإن لم نجوِّز الشركة فالحيلة على أن يصيرا شريكين فيها أن يبيع كل واحد منهما صاحبه نصف عرضه بنصف عرضه مشاعًا، فيصير كل منهما شريكًا لصاحبه في عرضه، ويصير عرض كل واحد منهما بينهما نصفين، ثم يأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف.

هذا إذا كان قيمة العرضين سواء، فإذا كانا متفاوتينِ ــ بأن يساوي أحدهما مائة والآخر مائتين ــ فالحيلة أن يبيع صاحب العرض الأدنى ثُلثَي عرضه بثُلثِ عرض صاحبه كما تقدم، فيكون العرضان بينهما أثلاثًا، والربح على قدر


(١) «نوع» ليست في ك.
(٢) ك: «الرهن».