للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الولاية بالشرط، كما صحت به السنة، بل تعليق الوكالة أولى بالجواز؛ فإن الولي وكيل وكالةً عامة، فإنه إنما يتصرف نيابةً عن المُولِّي، فوكالته أعم من وكالة الوكيل في الشيء المعين، فإذا صح تعليقها فتعليق (١) الوكالة الخاصة أولى بالصحة. وقال الشافعي: لا يصح؛ فإذا دعت الحاجة إلى ذلك فالحيلة في جوازه أن يوكّله مطلقًا ثم يعلِّق التصرف على شرط فيصح. ولا يظهر فرقٌ فقهي بين امتناع هذا وجواز هذا، والمقصود من التوكيل التصرف، والتوكيل وسيلة إليه؛ فإذا صح تعليق الغاية فتعليق الوسيلة أولى بالصحة.

المثال الرابع والخمسون: إذا رُفِع (٢) إلى الإمام وادُّعِيَ عليه أنه زنى، فخاف إن أنكر أن تقوم عليه البينة فيُحدّ؛ فالحيلة (٣) في إبطال شهادتهم أن يقرَّ إذا سئل مرة واحدة، ولا يزيد عليها؛ فلا تُسمع البينة مع الإقرار. وليس للحاكم ولا للإمام أن يقرِّره تمامَ النصاب، بل إذا سكت لم يَعرِض له.

فإن كان الإمام ممن يرى وجوب الحدّ بالمرة الواحدة؛ فالحيلة أن يرجع عن إقراره فيسقط عنه الحدُّ؛ فإذا خاف (٤) من إقامة البينة عليه أقرَّ أيضًا ثم رجع، وهكذا أبدًا. وهذه الحيلة جائزة؛ فإنه يجوز له دفع الحدِّ عن نفسه، وأن يُخلدِ إلى التوبة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة لما فرَّ ماعز من الحد: «هلَّا تركتموه يتوبُ فيتوبُ الله عليه» (٥)، فإذا فرَّ من الحد إلى التوبة فقد أحسن.


(١) ز: «بتعليق»، خطأ.
(٢) ك: «وقع»، تحريف.
(٣) ز: «الحيلة».
(٤) «خاف» ساقطة من ك.
(٥) تقدم تخريجه.