للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في جوازه أن يسمِّي ما يعلم أنها تحتاج إليه من العلف فيجعله أجرة، ثم يوكّله (١) في إنفاق ذلك عليها.

وهذه الحيلة غير محتاج إليها على أصلنا؛ فإنا نجوِّز أن يستأجر الظِّئر بطعامها وكسوتها والأجير بطعامه وكسوته، فكذلك إجارة الدابة بعلفها وسَقْيها.

فإن قيل: عَلَف الدابة على مالكها، فإذا شرطه على المستأجر فقد شرط ما ينافي مقتضى العقد، فأشبهَ ما لو شرط في عقد النكاح أن تكون نفقة الزوجة على نفسها.

قيل: هذا من أفسد القياس؛ لأن العلف قد جُعل في مقابلة الانتفاع، فهو نفسه أجرة مغتفرة جهالتها اليسيرة للحاجة، بل الحاجة إلى ذلك أعظم من حاجة استئجار الأجير بطعامه وكسوته؛ إذ يمكن الأجيرَ أن يشتري له بالأجرة ذلك، فأما الدابة فإن كُلِّف ربّها أن يصحبها ليعلفها شقَّ عليه ذلك، فتدعو الحاجة إلى قيام المستأجر عليها، ولا يُظنّ به تفريطُه في علفها لحاجته إلى ظهرها، فهو يعلفها لحاجته وإن لم يمكنها مخاصمته.

المثال العاشر: إذا أراد أن يستأجر دارًا أو حانوتًا، ولا يدري مدة مقامه، فإن استأجره سنة فقد يحتاج إلى التحوُّل قبلها.

فالحيلة أن يستأجر كلَّ شهر بكذا وكذا، فتصح الإجارة وتلزم في الشهر الأول، وتصير جائزة فيما بعده من الشهور، فلكل واحد منهما الفسخُ عقيبَ كل شهر إلى تمام يوم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال الشافعي: الإجارة فاسدة،


(١) ك: «يوكل».