للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن نصوص أئمتهم؛ فإن جميعهم على أن الحق في واحد من الأقوال، كما أن القبلة في جهة من الجهات، وخرجوا عن نصوص القرآن والسنة والمعقول الصريح، [٢٥/أ] وجعلوا دين الله تابعًا لآراء الرجال.

وإن قالوا: الصواب الذي لا صواب غيره أن دين الله واحد، وهو ما أنزل الله به كتابه وأرسل به رسوله وارتضاه لعباده، كما أن نبيه واحد وقبلته واحدة، فمن وافقه فهو المصيب وله أجران، ومن أخطأه فله أجر واحد على اجتهاده لا على خطئه.

قيل لهم: فالواجب إذًا طلبُ الحقّ، وبذلُ الاجتهاد في الوصول إليه بحسب الإمكان؛ لأن الله سبحانه أوجب على الخلق تقواه بحسب الاستطاعة، وتقواه فِعلُ ما أمر به وترك ما نهى عنه؛ فلا بدَّ أن يعرف العبد ما أُمر به ليفعله وما نُهي عنه ليجتنبه وما أبيح له ليأتيه. ومعرفة هذا لا تكون إلا بنوع اجتهاد وطلبٍ وتحرٍّ للحق، فإذا لم يأت بذلك فهو في عهدة الأمر، ويلقى الله ولما يَقْضِ (١) ما أمره.

الوجه الخامس والعشرون: أن دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - عامة لمن كان في عصره ولمن يأتي بعده إلى يوم القيامة، والواجب على من بعد الصحابة هو الواجب عليهم بعينه، وإن تنَّوعت صفاته وكيفياته باختلاف الأحوال. ومن المعلوم بالاضطرار أن الصحابة لم يكونوا يَعرِضون ما يسمعون منه - صلى الله عليه وسلم - على أقوال علمائهم، بل لم يكن لعلمائهم قول غير قوله، فلم يكن أحد منهم يتوقَّف في (٢) قبول ما سمعه منه على موافقة موافق أو رأيِ ذي رأي أصلًا،


(١) «يقض» ساقطة من ت.
(٢) ت: «على».