للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ممنوعها ولا بدّ.

والمقصود أن الله سبحانه رفع الإثم عمن أبطل الوصية الجانفة الآثمة، وكذلك هو مرفوع عمن أبطل شروط الواقفين التي هي كذلك، فإذا شرط الواقف القراءة عند القبر كانت القراءة في المسجد أولى وأحبَّ إلى الله ورسوله وأنفعَ للميت، فلا يجوز تعطيلُ الأحبِّ إلى الله، الأنفعِ لعبده، واعتبارُ ضدّه. وقد رام بعضهم الانفصالَ عن هذا بأنه قد يكون قصد الواقف حصول الأجر له باستماعه للقرآن في قبره، وهذا غلط؛ فإن ثواب الاستماع مشروط بالحياة، فإنه عمل اختياري وقد انقطع بموته.

ومن ذلك اشتراطه أن تُصلَّى الصلوات الخمس في المسجد الذي بناه على قبره، فإنه شرط باطل لا يجب، بل لا يحلُّ الوفاء به، وصلاته في المسجد الذي لم يوضع على قبرٍ أحبُّ إلى الله ورسوله، فكيف يُفتَى أو يُقضَى بتعطيل الأحبِّ إلى الله والقيام بالأكره إليه اتباعًا لشرط الواقف الجانف الآثم؟

ومن ذلك أن يشرط عليهم (١) إيقاد قنديلٍ على قبره أو بناء مسجد عليه؛ فإنه لا يحلُّ تنفيذ هذا الشرط ولا العمل به، فكيف ينفذ شرطٌ لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعله؟

وبالجملة فشروط الواقفين أربعة أقسام: شروط محرمة في الشرع، وشروط (٢) مكروهة لله ورسوله، وشروط تتضمن تركَ ما هو أحبُّ إلى الله


(١) ز: «اشتراطه عليه».
(٢) «شروط» ليست في ز.