للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيمان الزوج، فما الفرق؟

قيل: هذا من كمال الشريعة وتمام عدلها ومحاسنها. فإنَّ المحلوف عليه في القَسامة حقٌّ لآدمي، وهو استحقاق الدم، وقد جُعلت الأيمان المكرَّرة بيِّنةً تامّةً مع اللَّوث، فإذا قامت البيِّنة لم يُلتفت إلى أيمان المدَّعَى عليهم (١). وفي اللِّعان المحلوف عليه حقٌّ لله، وهو حدُّ الزنا، ولم يشهد به أربعة شهود، وإنما جُعِل الزوج أن يحلف أيمانًا مكرَّرة مؤكَّدةً (٢) باللعنة أنها جَنَت على فراشه وأفسدته، فليس له شاهد إلا نفسه، وهي شهادة ضعيفة، فمُكِّنت المرأة أن تُعارضها بأيمان مكرَّرة مثلها. فإذا نكلَتْ (٣) ولم تُعارضها صارت أيمانُ الزوج مع نكولها بينةً قويةً لا معارض لها. ولهذا كانت الأيمان أربعة لتقوم مقام الشهود الأربعة، وأُكِّدت بالخامسة، وهي الدعاء على نفسه باللعنة إن كان كاذبًا. ففي القسامة جُعِل اللَّوث ــ وهو الأمارة الظاهرة الدالَّة على أنَّ المدَّعَى عليهم قتلوه (٤) ــ شاهدًا، وجُعِلت الخمسون (٥) يمينًا شاهدًا آخر. وفي اللعان جُعِلت أيمانُ الزوج كشاهد، ونكولُها كشاهد آخر.

والمقصود: أنَّ الشارع لم يقف الحكم في حقِّ من الحقوق (٦) البتَّةَ على شهادة ذكرين، لا في الدماء ولا في الأموال ولا في الفروج ولا في


(١) ع: "عليه". وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) ع: "ومؤكدة". وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) كتب بعضهم في طرَّة ح: "فعلت" مع علامة صح.
(٤) رجَّح في المطبوع: "قبلوه"!
(٥) في النسخ الخطية والمطبوعة جميعًا: "الخمسين".
(٦) في النسخ المطبوعة: "في حفظ الحقوق".