للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صلى الله عليه وسلم - قال: "ويلٌ للأمراء، وويلٌ للعُرَفاء، وويلٌ للأُمَناء. لَيَتمنَّيَنَّ أقوامٌ يومَ القيامة أنَّ نواصيَهم كانت معلَّقةً بالثُريَّا يتجَلْجَلُون بين السماء والأرض، وأنهم لم يَلُوا عملًا".

[٢٠/أ] وأمَّا المفتي، ففي "سنن أبي داود" (١) من حديث مسلم بن يَسَار قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قال عليَّ ما لم أقُلْ فَلْيتبوَّأْ بيتًا في جهنَّم. ومن أفتَى بغير علمٍ كان إثمُه على من أفتاه. ومن أشار على أخيه بأمرٍ يعلمُ الرُّشْدَ في غيرِه فقد خانه".

فكلُّ خطرٍ على المفتي فهو على القاضي، وعليه من زيادة الخطر ما يختَصُّ به. ولكنَّ خطرَ المفتي أعظم (٢) من جهة أخرى فإنَّ فتواه شريعة عامة تتعلَّق بالمستفتي وغيره. وأما الحاكم، فحكمُه جزئيٌّ خاصٌّ لا يتعدَّى إلى غير المحكوم عليه وله. فالمفتي يُفتي حكمًا عامًّا كُلِّيًّا أن من فعل كذا ترتَّب عليه كذا، ومن قال كذا لزمه كذا؛ والحاكم (٣) يقضي قضاءً معيَّنًا على شخص معيّن، فقضاؤه خاصٌّ ملزم، وفتوى العالم عامَّة غير ملزمَة. فكلاهما


(١) برقم (٣٦٥٧). ورواه أحمد (٨٢٦٦) وابن ماجه (٥٣)، وفي سند الحديث اختلافٌ واضطرابٌ، يُنظر: "تحفة الأشراف" (١٠/ ٣٧٠)، وعلّة الحديث: عمرو بن أبي نعيمة، وهو مجهول الحال، وقال الدارقطني: مجهولٌ، يُترَك اهـ. وقد أسقطه بعضُ الرواة من السند، وشيخُه مسلم بن يسار الطنبذي مستور الحال، لم يوثّقه من يُعتدّ به.
(٢) "أعظم" ساقط من ت.
(٣) ع: "القاضي".