للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢١١/أ] بضِّد هذا، فكيف تكتب جوابين متناقضين في واقعة واحدة؟ فوجَم الحاكم. فقلت: هذا من علمه ودينه، أفتى أولًا بشيء، ثم تبيَّن له الصواب، فرجع إليه؛ كما يفتي إمامه بقول، ثم يتبيَّن له خلافه، فيرجع إليه، ولا يقدح ذلك في علمه ولا دينه. وكذلك سائر الأئمة. فسُرَّ القاضي بذلك، وسُرِّي عنه.

الفائدة السابعة والأربعون: قول الشافعي رحمه الله تعالى: «إذا وجدتم في كتابي خلاف سنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقولوا بسنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودَعُوا ما قلته» (١)، وكذلك قوله: «إذا صحَّ الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقلتُ أنا قولًا، فأنا راجعٌ عن قولي، قائلٌ (٢) بذلك الحديث» (٣)، وقوله: «إذا صحَّ الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاضربوا بقولي الحائطَ» (٤)، وقوله: «إذا رويتُ حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم أذهب إليه، فاعلموا أنَّ عقلي قد ذهب» (٥)، وغير ذلك من كلامه في هذا المعنى= صريحٌ في مدلوله، وأن مذهبه ما دلَّ عليه الحديث (٦)، لا قول له غيره. ولا يجوز أن ينسب إليه ما خالف الحديث، ويقال: هذا مذهب الشافعي. ولا يحِلُّ الإفتاء بما خالف الحديثَ على أنه مذهب الشافعي، ولا الحكم به. صرَّح بذلك جماعة من أئمة أتباعه، حتى


(١) انظر: «أدب المستفتي» (ص ١١٧) و «صفة الفتوى» (ص ٣٧).
(٢) في النسخ المطبوعة: «وقائل».
(٣) «أدب المستفتي» (ص ١١٩) و «صفة الفتوى» (ص ٣٨).
(٤) تقدَّم مرتين.
(٥) تقدَّم أيضًا.
(٦) انظر: «صفة الفتوى» (ص ٣٨).