للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشياءَ عفا عنها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -= فيظنُّ ذلك تعارضًا وتناقضًا، وإنما أُتِيَ من قصور علمه وفهمه (١). وبالله التوفيق.

فصل

وأما قوله: «وجعل حدَّ الرقيق على النصف من حدِّ الحُرِّ، وحاجتُهما إلى الزجر واحدة»، فلا ريب أن الشارع فرَّق بين الحُرِّ والعبد في أحكام، وسوَّى بينهما في أحكام. فسوَّى بينهما في الإيمان والإسلام ووجوب العبادات البدنية (٢) كالطهارة والصلاة والصوم، لاستوائهما في سببها (٣). وفرَّق بينهما في العبادات المالية كالحج والزكاة والتكفير بالمال، لافتراقهما في سببها.

وأما الحدود، فلما كان وقوع المعصية من الحر أقبحَ من وقوعها من العبد من جهة كمال نعمة الله عليه بالحرية، وأن جعله مالكًا لا مملوكًا، ولم يجعله تحت قهر غيره وتصرُّفه فيه، ومن جهة تمكُّنه بأسباب القدرة من الاستغناء عن المعصية بما عوَّض الله عنها من المباحات، فقابل النعمة التامة بضدِّها، واستعمل القدرة في المعصية= فاستحقَّ من العقوبة أكثر مما يستحقُّه مَن هو أخفَضُ (٤) منه رتبةً وأنقَصُ منزلةً. فإن الرجل كلما كانت نعمة الله عليه أتمَّ كانت عقوبته إذا ارتكب الجرائم أتمَّ. ولهذا قال تعالى في حقِّ مَن أتمَّ نعمته عليهن من النساء: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ


(١) ح، ف: «فهمه وعلمه».
(٢) ما عدا ع: «الثلاثة»، وكذا في المطبوع، والظاهر أنه تحريف.
(٣) في النسخ المطبوعة: «سببهما» هنا وفيما يأتي.
(٤) ع: «أحطُّ».