للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأنعام، وعلى ذروة كلِّ بعير شيطان (١) = فيكون مرورُ هذا النوع من الكلاب ــ وهو من أخبثها وشرِّها ــ مبغِّضًا لتلك الصلاة إلى الله، فيجب على المصلي أن يستأنفها. وكيف يُستبعد أن يقطع مرورُ العدوِّ [٣٠١/أ] بين الإنسان وبين وليِّه حكمَ مناجاته له، كما قطعها كلمةٌ من كلام الآدميين أو قهقهة أو ريح، أو ألقى عليه الغيرُ نجاسةً، أو نوَّمه الشيطان فيها؟

وفي الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن شيطانًا تفلَّت عليَّ البارحةَ ليقطع عليَّ صلاتي» (٢).

وبالجملة، فللشارع في أحكام العبادات أسرارٌ لا تهتدي العقول إلى إدراكها على وجه التفصيل، وإن أدركتها جملةً.

فصل

وأما قوله: «وفرَّق بين الريح الخارجة من الدبر وبين الجَشْوة، فأوجب الوضوء من هذه دون هذه»، فهذا أيضًا من محاسن هذه الشريعة وكمالها، كما فرَّق بين البلغم الخارج من الفم وبين العَذِرة في ذلك. ومن سوَّى بين الريح والجشاء فهو كمن سوَّى بين البلغم والعَذِرة. والجشاءُ من جنس العطاس الذي هو ريح تحتبس في الدماغ، ثم تطلب لها منفذًا، فتخرج من الخياشيم، فيحدث العطاس. وكذلك الجشاء ريح تحتبس فوق المعدة فتطلب الصعود، بخلاف الريح التي تحتبس تحت المعدة. ومن سوَّى بين الجشوة والضرطة في الوصف والحكم فهو فاسد العقل والحِسّ.


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٤٦١) ومسلم (٥٤١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.