للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما قوله (١): «وحرَّم كلَّ ذي ناب من السباع، وأباح الضبع ولها ناب»، فلا ريب أنه حرَّم كلَّ ذي ناب من السباع، وإن كان بعضُ العلماء خفي عليه تحريمه، فقال بمبلغ علمه. وأما الضبع فرُوي عنه فيها حديثٌ صحَّحه كثيرٌ من أهل العلم بالحديث، فذهبوا إليه، وجعلوه مخصِّصًا لعموم أحاديث التحريم، [٣١٩/ب] كما خُصَّت العرايا لأحاديث المزابنة. وطائفة لم تصحِّحه، وحرَّموا الضبع لأنها من جملة ذات الأنياب. قالوا: وقد تواترت الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن أكلِ كلِّ ذي ناب من السباع، وصحَّت صحةً لا مطعن فيها من حديث علي (٢)، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي ثعلبة الخُشَني (٣).

قالوا: وأما حديث الضبع، فتفرَّد به عبد الرحمن بن أبي عمارة، وأحاديثُ تحريم ذوات الأنياب كلُّها تخالفه.

قالوا: ولفظ الحديث يحتمل معنيين: أحدهما أن يكون جابرٌ رفع الأكلَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن يكون إنما رفَع إليه كونَها صيدًا فقط، ولا يلزم من كونها صيدًا جوازُ أكلها، فظنَّ جابرٌ أن كونَها صيدًا يدل على أكلها، فأفتى به من


(١) ع، ت: «قولهم»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) رواه عبد الرزاق (٢١٨، ٢١٩)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في زياداته على «المسند» لأبيه (١٢٥٤)، وأبو يعلى في «المسند» (٣٥٧)، والطحاوي في «بيان المشكل» (٩/ ٩٩)، وسنده ضعيف. ويُغني عنه الأحاديث الصحيحة التالية.
(٣) رواه مسلم (١٩٣٤، ١٩٣٣، ١٩٣٢) ولاءً عن هؤلاء الثلاثة، ورواه أيضًا البخاري (٥٥٣٠) عن أبي ثعلبة.