للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكره، ومن ادعى أنه إنما قصد الاحتيال فكمن ادعى أنه مكره، وإن كان ظهور أمر المكره أبينَ من ظهور أمر المحتال.

فصل

وأما الهازل فهو الذي يتكلم بالكلام من غير قصدٍ لموجبه وحقيقته، بل على وجه اللعب، ونقيضُه الجادُّ فاعلٌ من الجِدّ بكسر الجيم وهو نقيض الهزل، وهو مأخوذ من «جَدَّ فلان» إذا عظُم واستغنى وصار ذا حظٍّ، والهزل: مِن هَزُلَ إذا ضعف وضَؤُل، نُزِّلَ الكلام الذي يراد معناه وحقيقته بمنزلة صاحب الحظّ والبَخْت والغنى، والذي لم يُرَد معناه وحقيقته بمنزلة الخالي من ذلك؛ إذ قِوام الكلام بمعناه، وقِوام الرجل بحظّه وماله، وقد جاء فيه حديث أبي هريرة المشهور عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثٌ جِدُّهن جِدٌّ وهزلهن جِدٌّ: النكاح والطلاق والرجعة». رواه أهل السنن، وحسَّنه الترمذي (١).

وفي مراسيل الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نكحَ لاعبًا أو طلَّق لاعبًا أو أعتق لاعبًا فقد جاز» (٢).

وقال عمر بن الخطاب: «أربعٌ جائزاتٌ إذا تكلَّم بهن: الطلاق والعتاق والنكاح والنذر» (٣).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه الطبري في «تفسيره» (٤/ ١٨٤) عن الحسن مرسلًا، وفي إسناده سليمان بن أرقم متكلم فيه. وجاء موصولاً عند ابن أبي شيبة (١٨٧١٩) عن الحسن عن أبي الدرداء مرفوعا. والحسن لم يسمع من أبي الدرداء. وروي عنه موقوفًا كما سيأتي.
(٣) رواه سعيد بن منصور (١٦١٠) وابن أبي شيبة (١٨٧١٥)، وسعيد بن المسيب أدرك عمر وكان صغيرًا، لكن مراسيله عنه صحيحة كما تقدم.