للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتمكين من ذلك، لا على مباشرته. والحيل إذا أفضَتْ إلى مثل هذا سَمُجَت غاية السماجة، ويلزم أرباب الحيل ــ والظاهر أنهم يقولون ــ أنه (١) إذا حلف أن لا يكتب لفلان توقيعًا ولا عهدًا ثم أمر كتَّابه أن يكتبوه له، فإنه لا يحنث، سواء كان أميًّا أو كاتبًا، وكذلك إذا حلف أن لا يحفر هذا البئر، ولا يُكرِي هذا النهر، فأمر غيره بحفْره وإكرائه أنه لا يحنث.

فصل

ومن الحيل الباطلة: لو حلف لا يأكل هذا الرغيف، أو لا يسكن في الدار هذه السنة، أو لا يأكل هذا الطعام، فليأكل الرغيف [٩٩/أ] ويَدَعْ منه لقمة واحدة، ويسكن السنة كلها إلا يومًا واحدًا، ويأكل الطعام كله إلا القدر اليسير منه ولو أنه لقمة.

وهذه حيلة باردة باطلة، ومتى فعل ذلك فقد أتى بحقيقة الحنث، وفعل نفس ما حلف عليه، وهذه الحيلة لا تتأتى على قول من يقول: يحنث بفعل بعض المحلوف عليه، ولا على قول من يقول: لا يحنث، لأنه لم يرد مثل هذه الصورة قطعًا، وإنما أراد به إذا أكل لقمة مثلًا من الطعام الذي حلف أنه لا يأكله أو حبَّةً من القِطْف (٢) الذي حلف على تركه، ولم يُرِد أنه يأكل القطف إلا حبة واحدة منه، وعالم لا يقول هذا.

ثم يَلزم هذا المتحيلَ أن يجوِّز للمكلَّف فعلَ كل ما نهى الشارع عن جملته فيفعله إلا القدر اليسير منه، فإن البرّ والحِنث في الأيمان نظيرُ الطاعة


(١) «أنه» ليست في ك.
(٢) العنقود ساعةَ يُقطَف.