للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع أنه لم يقصد حقائق هذه العقود. وأبلغُ من هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما أقضي بنحوٍ مما أسمع، فمن قضيتُ له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطعُ له قطعة من النار» (١)، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يحكم بالظاهر وإن كان في نفس الأمر لا يحل للمحكوم له ما (٢) حكم له به، وفي هذا كله دلالة على إلغاء المقاصد والنيات في العقود، وإبطال سدّ الذرائع، واتباع ظواهر عقود الناس وألفاظهم، وبالله التوفيق.

فانظر ملتقى البحرين، ومعترك الفريقين، فقد أبرز كلٌّ منهما حجته، وخاض بحرَ العلم فبلغ منه لُجَّته، وأدلى (٣) من الحجج والبراهين بما لا يُدفَع، وقال ما هو حقيق بأن يقول له (٤) أهل العلم: قُلْ يُسمَع، وحجج الله لا تتعارض (٥)، وأدلة الشرع لا تتناقض، والحق يصدِّق بعضُه بعضًا، ولا يقبل معارضة ولا نقضًا. وحرامٌ على المقلِّد المتعصب أن يكون من هذا الطراز الأول، أو يكون على قوله وبحثه إذا حقَّت الحقائق المعوَّلُ، فليجرِّب المدَّعي ما ليس له، والدعيُّ (٦) في قوم ليس منهم نفسه وعلمه وما حصَّله،


(١) رواه البخاري (٢٤٥٨) ومسلم (١٧١٣) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها -.
(٢) ز: «فيما».
(٣) في النسختين: «وأدل».
(٤) «له» ليست في د.
(٥) ز: «تعارض».
(٦) في المطبوع: «والمدعي».