للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصبتُ لَقِنًا غيرَ مأمون، يستعمل آلة الدين للدنيا، ويستظهر بحُجَج الله على كتابه وبنِعَمِه على معاصيه، أو (١) حامل حقٍّ لا بصيرةَ له في إحيائه، ينقدحُ الشكُّ في قلبه بأول عارضٍ من شبهة، لا يدري أين الحقُّ، إن قال أخطأ، وإن أخطأ لم يدْرِ، مشغوفٌ (٢) بما لا يدري حقيقته، فهو فتنةٌ لمن (٣) فُتِنَ به، وإنّ من الخير كلِّه مَن عرَّفه الله دينَه، وكفى بالمرء جهلًا أن لا يعرف دينه.

وذكر أبو عمر (٤) عن أبي البَخْتري عن علي - رضي الله عنه - قال: إيّاكم والاستنانَ بالرجال، فإن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة، ثم ينقلب لعِلم الله فيه فيعمل بعمل أهل النار، فيموت وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، فينقلب لعِلْم الله فيه فيعمل بعمل أهل الجنة، فيموت وهو من أهل الجنة، فإن كنتم لا بدَّ فاعلينَ فبالأموات لا بالأحياء.

وقال ابن مسعود: لا يقلِّدنَّ أحدُكم دينَه رجلًا إن آمنَ آمنَ وإن كفر كفر، فإنه لا أسوةَ في الشر (٥).


(١) كذا في النسخ. وفي الجامع: «أف».
(٢) ت، ع: «مشعوف» بالعين، وهو أيضًا بمعنى «مشغوف».
(٣) ع: «كمن» تحريف.
(٤) في «الجامع» (٢/ ٩٨٧) وابن حزم في «الإحكام» (٦/ ١٨١) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عنه به. وعطاء قد اختلط، والراوي عنه خالد الواسطي سمع منه بعد اختلاطه، وتابعه حماد بن زيد عند ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (١٥٧٢).
(٥) أورده ابن عبد البر في «الجامع» بدون إسناد (٢/ ٩٨٧)، ورواه الطبراني (٨٧٦٤) ومن طريقه أبو نعيم في «الحلية» (١/ ١٣٦)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١/ ١٨٠): ورجاله رجال الصحيح.