للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالية عن الأوصاف والمعاني، فاستوى وجودها وعدمها. وهذا كلُّه مُدْحِض لقياس الشَّبَه الخالي عن العِلَّة المؤثرة والوصف المقتضي للحكم. والله أعلم.

فصل

ومن هذا: ما وقع في القرآن من الأمثال التي لا يعقلها إلا العالمون، فإنها تشبيهُ شيء بشيء في حكمه، وتقريبُ المعقول من المحسوس، أو أحدِ المحسوسَين من الآخر، واعتبارُ أحدهما بالآخر، كقوله تعالى في حقِّ المنافقين: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ [٨٧/ب] لَا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (١٨) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} (١) إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ١٧ - ٢٠]. فضرب (٢) للمنافقين بحسب حالهم مثلين: مثلًا ناريًّا، ومثلا مائيًّا (٣)، لما في النار والماء من الإضاءة والإشراق والحياة؛ فإن النار مادة النور، والماء مادة الحياة. وقد جعل الله سبحانه الوحيَ الذي أنزله من السماء متضمِّنًا لحياة القلوب واستنارتها، ولهذا سمَّاه روحًا ونورًا، وجعل قابليه أحياءً في النور، ومن لم يرفع به رأسًا أمواتًا في الظلمات.


(١) هكذا في س. وزاد ناسخ ح: "يجعلون" سهوًا فيما يبدو. وفي ت، ع إلى "حذر الموت".
(٢) ف: "فضرب الله". وكتب بعضهم في ح أيضًا لفظ الجلالة فوق السطر.
(٣) انظر في المثلين: "الوابل الصيب" (ص ١٢٥ - ١٣٢) و"اجتماع الجيوش الإسلامية" (ص ٣٩ - ٧٥). وفي "إغاثة اللهفان" (١/ ٣٢) أحال لأسرارهما على كتابنا هذا.