للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمضاربة، والمزارعة، والمساقاة، والقرض، وصحة صوم الآكل ناسيًا (١)، والمضيُّ في الحج الفاسد= كلُّ ذلك على خلاف القياس. فهل ذلك صواب أم لا؟ فقال: «ليس في الشريعة ما يخالف القياس». وأنا أذكر ما حصَّلته من جوابه بخطِّه ولفظه (٢)، وما فتح الله سبحانه لي بيُمن إرشاده، وبركة تعليمه، وحسن بيانه وتفهيمه:

«أصلُ هذا أن تعلم أن لفظ القياس لفظ مجمل، يدخل فيه القياس الصحيح والفاسد. والصحيح هو الذي وردت به الشريعة، وهو الجمعُ بين المتماثلين، والفرقُ بين المختلفين. فالأول قياس الطرد، والثاني قياس العكس. وهو من العدل الذي بعث الله به نبيَّه - صلى الله عليه وسلم -. فالقياس الصحيح مثل أن تكون العلّة التي علِّق بها الحكم في الأصل موجودةً في الفرع من غير معارض في الفرع يمنع حكمَها. ومثل هذا القياس لا [٢٣٥/أ] تأتي الشريعة بخلافه قطُّ (٣)! وكذلك القياس بإلغاء الفارق، وهو: أن لا يكون بين الصورتين فرق مؤثِّر في الشرع. فمثل هذا القياس أيضًا لا تأتي الشريعة بخلافه. وحيث جاءت الشريعة باختصاص بعض الأحكام بحكمٍ يفارق به نظائرَه، فلا بد أن يختصَّ ذلك النوع بوصفٍ يُوجِب اختصاصه بالحكم، ويمنع مساواته لغيره. لكن الوصف الذي اختصَّ به ذلك النوع قد يظهر لبعض الناس، وقد لا يظهر. وليس من شرط القياس الصحيح أن يعلم صحته كلُّ أحد.


(١) ع: «الناسي»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) انظر سؤال المصنف وجواب الشيخ في «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٠٥ - ٥٨٣).
(٣) سبق التنبيه على استعمال «قطُّ» في غير محلِّه، فإنه خاصٌّ بالزمان الماضي.