للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك فعلت الرافضة في أحاديث فضائل الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة. وكذلك فعلت المعتزلة في تأويل أحاديث الرؤية والشفاعة، وكذلك القدرية في نصوص القدر، وكذلك الحرورية وغيرهم من الخوارج في النصوص التي تخالف مذاهبهم. وكذلك القرامطة والباطنية طردت البابَ، وطمَّت (١) الواديَ على القَريِّ، وتأولت الدينَ كلَّه!

فأصلُ خراب الدنيا والدين (٢) إنما هو من التأويل الذي لم يُرِده الله ورسوله بكلامه، ولا دلَّ على (٣) أنه مراده. وهل اختلفت الأمم على أنبيائهم إلا بالتأويل؟ وهل وقعت في الأمة فتنة كبيرة أو صغيرة إلا بالتأويل؟ فمن بابه دُخِل إليها. وهل أريقت دماء المسلمين في الفتن إلا بالتأويل؟

وليس هذا مختصًّا بدين الإسلام فقط، بل سائر أديان الرسل لم تزل على الاستقامة والسداد، حتَّى دخلها (٤) التأويل، فدخل عليها من الفساد ما لا يعلمه إلا ربُّ العباد.


(١) كذا ورد الفعل في النسخ الخطية والمطبوعة بتعديته إلى «الوادي». ونحوه في كتاب «الروح» (٢/ ٧٢٤): «وجاءت طائفة الاتحادية، فطمُّوا الواديَ على القَري». والمثل: «طمَّ الوادي على القري»، أي جرى سيله، فدفن القريَّ وأتى عليه. والقري: مجرى الماء في الروضة. فالوادي هو الذي يطُمُّ. ولا يقال: طممتُه على الشيء، فلا يصح «طمَّ فلانٌ الواديَ على القري». وانظر تعليقي على كتاب «الروح». ويضرب المثل عند تجاوز الشرِّ حدَّه. انظر: «مجمع الأمثال» (١/ ٢٨٢).
(٢) في النسخ المطبوعة: «الدين والدنيا».
(٣) ك، ب: «عليه» وكذا في النسخ المطبوعة، والصواب ما أثبت من ز.
(٤) ما عدا ز: «دخل عليها».