للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها ما بذل. فإلزامه للمبيع مع التدليس والغِشِّ من أعظم الظلم الذي تُنزَّه عنه الشريعة (١). وقد أثبت النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الخيار للركبان [٢٥٦/ب] إذا تُلُقُّوا واشتُرِيَ منهم قبل أن يهبطوا السوق ويعلموا السعر (٢)، وليس هاهنا عيب ولا خُلف في صفة، ولكن فيه نوع تدليس وغِشّ.

فصل

وأما قولكم: «الخراج بالضمان» (٣). فهذا الحديث وإن كان قد روي، فحديثُ المصرَّاة أصحُّ منه باتفاق أهل الحديث قاطبة، فكيف يعارَض به؟ مع أنه لا تعارض بينهما بحمد الله، فإن الخراج اسم للغَلَّة مثل كسب العبد وأجرة الدابة ونحو ذلك، وأما اللبن والولد (٤) فلا يسمَّى خراجًا. وغاية ما في الباب قياسه عليه بجامع كونهما من الفوائد، وهو من أفسد القياس، فإن الكسب الحادث والغلَّة لم يكن موجودًا حال البيع، وإنما


(١) النسخ المطبوعة: «تتنزَّه الشريعة عنه».
(٢) أخرجه البخاري (٢١٥٠) ومسلم (١٥١٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) رواه أحمد (٢٤٢٢٤، ٢٥٩٩٩)، وأبو داود (٣٥٠٨ - ٣٥١٠)، والترمذي (١٢٨٥، ١٢٨٦) ــ وصحّحه ــ، وابن ماجه (٢٢٤٢، ٢٢٤٣) والنسائي (٤٤٩٠) من حديث عائشة مرفوعا. وصحّحه أيضًا ابن حبان (٤١٠٧، ٧١٥٦)، والحاكم (٢/ ١٤ - ١٥)، وابن القطان الفاسي في «بيان الوهم والإيهام» (٥/ ٢١١ - ٢١٢). وحسنه البغوي في «شرح السنة» (٨/ ١٦٣). وذكر الطحاوي في «شرح المعاني» (٤/ ٢١) أن العلماء تلقَّوْا هذا الخبر بالقبول! ويُنظر: «ترتيب العلل الكبير للترمذي» (٣٣٧، ٣٣٨)، و «الضعفاء» للعقيلي (٦/ ٩٠ - ٩١)، و «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٨/ ٣٤٧).
(٤) في النسخ المطبوعة: «الولد واللبن».