للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أن المال المضمون إنما يُضمَن بقدره في القلة والكثرة، وقد قُدر هاهنا الضمان [٢٥٦/أ] بصاع.

قال أنصار الحديث: كلُّ ما ذكرتموه خطأ، والحديث موافق لأصول الشريعة وقواعدها. ولو خالفها لكان أصلًا بنفسه، كما أن غيره أصل بنفسه. وأصول الشرع لا يُضرب بعضُها ببعض، كما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أن يُضرَب كتابُ الله بعضه ببعض (١)، بل يجب اتباعها كلِّها. ويقَرُّ كلٌّ منها على أصله وموضعه؛ فإنها كلَّها من عند الله الذي أتقن شرعه وخلقه، وما عدا هذا فهو الخطأ الصريح. فاسمعوا الآن هدم الأصول الفاسدة التي يعترض بها على النصوص الصحيحة:

أما قولكم: «إنه تضمَّن الرد من غير عيب ولا فوات صفة»، فأين في أصول الشريعة المتلقَّاة عن صاحب الشرع ما يدل على انحصار الردِّ بهذين الأمرين؟ وتكفينا هذه المطالبة، ولن تجدوا إلى إقامة الدليل على الحصر سبيلًا. ثم نقول: بل أصول الشرع (٢) توجب الردَّ بغير ما ذكرتم، وهو الردُّ بالتدليس والغِشّ، فإنه هو والخُلف في الصفة من باب واحد. بل الرد بالتدليس أولى من الرد بالعيب، فإن البائع يُظهر صفة المبيع تارةً بقوله وتارةً بفعله. فإذا أظهر للمشتري أنه على صفةٍ، فبان بخلافها، كان قد غشَّه ودلَّس عليه، فكان له الخيار بين الإمساك والفسخ. ولو لم تأت الشريعة بذلك لكان هو محض القياس وموجَب العدل، فإن المشتري إنما بذل ماله في المبيع بناء على الصفة التي أظهرها له البائع، ولو علم أنه على خلافها لم يبذل له


(١) تقدم تخريجه.
(٢) في النسخ المطبوعة: «الشريعة».