للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطلاقٍ أو عتاقٍ ينوي به الإنشاء. والوقف ينعقد بالصريح وبالكناية مع النية وبالفعل مع النية عند الأكثرين، وإذا (١) كان مقصودُه الوقفَ على نفسه، وتكلَّم بقوله: «هذا وقف عليَّ»، وميَّزه بفعله عن ملكه= صار وقفًا؛ فإن الإقرار يصح أن يكون كنايةً عن الإنشاء مع النية، فإذا قصده به صح، كما أن لفظ الإنشاء يجوز أن يقصد به الإخبار، وإذا أراد به الإخبار دُيِّنَ، فكلٌّ من الأمرين صالح لاستعماله في الآخر، فقد يقصد بالإقرار الإخبار عما مضى، وقد يقصد به الإنشاء، وإنما ذكر بصيغة الإخبار لغرضٍ من الأغراض.

يوضِّح ذلك أن صيغ العقود قد قيل: هي إنشاءات، وقيل: إخبارات؛ والتحقيق أنها متضمنة للأمرين؛ فهي إخبار عن المعاني التي في القلب، وقصدُ تلك المعاني إنشاء؛ فاللفظ خبر والمعنى إنشاء، فإذا أخبر أن هذا وقفٌ عليه وهو يعلم أن غيره لم يَقِفْه عليه وإنما مقصوده أن يصير وقفًا بهذا الإخبار فقد اجتمع لفظ الإخبار وإرادة الإنشاء، فلو كان أخبر عن هذه الإرادة لم يكن هناك ريبٌ أنه أنشأ الوقف، لكن لما كان لفظه إخبارًا عن غير ما عناه، والذي عناه لم يُنشِئْ له لفظًا صارت المسألة محتملة، ونشأت الشبهة؛ ولكن هذه النية مع هذا اللفظ الصالح للكناية مع الفعل الدال على الوقف يقوم مقام التكلُّم باللفظ الذي ينشأ به الوقف (٢)، والله أعلم.

المثال السابع والأربعون: لو باع غيره دارًا أو عبدًا أو سِلعةً؛ واستثنى منفعةَ المبيع مدةً معلومة= جاز كما دلت عليه النصوص والآثار والمصلحة والقياس الصحيح؛ فإن خاف أن يرفعه إلى حاكم يرى بطلان هذا الشرط


(١) ك: «واذ».
(٢) «يقوم ... الوقف» ساقطة من ك.