للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعصية في الأمر والنهي، ولذلك لا يبرُّ إلا بفعل المحلوف عليه جميعه، لا بفعلِ بعضه، كما لا يكون مطيعًا إلا بفعله جميعه، ويحنث بفعل بعضه كما يعصي بفعل بعضه، فيلزم هذا القائلَ أن يجوِّز للمُحرِم في الإحرام حلقَ تسعة أعشار رأسه، بل وتسعة أعشار العُشر الباقي؛ لأن الله سبحانه إنما نهاه عن حلق رأسه كله لا عن بعضه، كما يفتي لمن حلف لا يحلق رأسه أن يحلقه إلا القدر اليسير منه.

وتأملْ لو فعل المريض هذا فيما نهاه الطبيب عن تناوله، هل يُعدُّ قابلًا منه؟ أو لو فعل مملوك الرجل أو زوجته أو ولده ذلك فيما نهاهم عنه، هل يكونون مطيعين له أم مخالفين؟ وإذا تحيل أحدهم على نقض غرض الآمر (١) وإبطاله (٢) بأدنى الحيل، هل كان يقبل ذلك منه ويحمده عليه أو يعذره؟ وهل يعذر أحدًا (٣) من الناس يعامله بهذه الحيل؟ فكيف يُعامل هو مَن لا تخفى عليه خافية؟

فصل

ومن الحيل الباطلة المحرمة: ما لو أراد الأب إسقاط حضانة الأم أن يسافر إلى غير بلدها، فيتبعه الولد.

وهذه الحيلة مناقضة لما قصده الشارع؛ فإنه جعل الأم أحقَّ بالولد من الأب، مع قرب الدار وإمكان اللقاء كل وقت لو قضى به للأب، وقضى أن لا


(١) ز: «للآمر».
(٢) ز: «رابطًا له»، تحريف.
(٣) د: «أحد».