للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن أبي داود: ثنا عبد الله (١) بن أحمد بن حنبل قال: سمعتُ أبي يقول: لا تكاد ترى أحدا نظَر في الرأي إلا وفي قلبه دَغَلٌ.

وقال عبد الله بن أحمد أيضًا: سمعتُ أبي يقول: الحديث الضعيف أحبُّ إليَّ من الرأي (٢).

وقال عبد الله: سألتُ أبي عن الرجل يكون ببلدٍ لا يجد فيه إلا صاحبَ حديثٍ لا يعرف صحيحه من سقيمه وأصحابَ رأي، فتنزل به النازلة. فقال أبي: يسأل أصحابَ الحديث، ولا يسأل صاحبَ (٣) الرأي. ضعيفُ الحديث أقوى من الرأي (٤).

وأصحاب أبي حنيفة - رحمه الله - مجمعون على أن مذهب أبي حنيفة أن ضعيف الحديث أولى عنده من القياس والرأي، وعلى ذلك بنى مذهبه؛ كما


(١) كذا رواه ابن حزم في "الصادع" (٣٥٠). وإنما رواه الآجري ــ ومن طريقه ابن عبد البر في "الجامع" (٢٠٣٥) وعنه ابن حزم في "الإحكام" (٦/ ٥٣) ــ عن ابن أبي داود، قال: سمعتُ أبي يقول: سمعت أحمد ... (فذكره). ويُؤيد ذلك أن أبا داود السجستاني رواه في "المسائل" (١٧٧٧) عن الإمام أحمد. وسند الخبر صحيح غاية، وأغرب ابن حجر فذكر في "النكت على كتاب ابن الصلاح" (١/ ٤٣٧) أنه رواه من طريق عبد الله ابن الإمام أحمد بالإسناد الصحيح؛ فالله تعالى أعلم.
(٢) رواه ابن حزم في "الصادع" (٣٥٢) و"الإحكام" (٦/ ٥٨)، وفي "المحلى" (١/ ٨٦ - ٨٧) من طريق عبد الله بن أحمد به.
(٣) ع، ف: "أصحاب الرأي".
(٤) رواه ابن حزم في "الصادع" (٣٥٦) و"الإحكام" (٦/ ٥٨) و"المحلى" (١/ ٨٧) من طريق عبد الله بن أحمد به. وهو في "مسائل عبد الله" (١٥٨٥) بمعناه، ومن طريقه رواه الخطيب في "تاريخ مدينة السلام" (١٥/ ٥٧٩)، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام" (٣٣٣).