للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صلى الله عليه وسلم -: «أبا عُميرٍ، ما فعل النُّغَير» (١). ويا لله العجب! أيُّ الأصول التي خالفتْها هذه السنن، وهي من أعظم الأصول؟ وهلّا ردَّ حديث أبي عمير لمخالفته لهذه الأصول؟ ونحن نقول: معاذَ الله أن نردَّ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة صحيحة غيرَ معلومة النسخ أبدًا. وحديثُ أبي عمير يحتمل أربعة أوجهٍ قد ذهب إلى كلٍّ منها طائفة:

أحدها: أن يكون متقدمًا على أحاديث تحريم المدينة فيكون منسوخًا.

الثاني: أن يكون متأخرًا عنها معارضًا لها فيكون ناسخًا.

الثالث: أن يكون النُّغَر مما صِيد خارجَ المدينة ثم أُدخِل المدينة كما هو الغالب من الصيود.

الرابع: أن يكون رخصة لذلك الصغير دون غيره، كما رُخِّص لأبي بردة في التضحية بالعَناق دون غيره (٢)؛ فهو متشابه كما ترى، فكيف يُجعل أصلًا يُقدَّم على تلك النصوص الكثيرة المحكمة الصريحة التي لا تحتمل إلا وجهًا واحدًا؟

المثال السابع والثلاثون: ردُّ السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في تقدير نصاب المعشَّرات بخمسة أوسُقٍ (٣)، بالمتشابه من قوله: «فيما سَقَتِ


(١) رواه البخاري (٦١٢٩) ومسلم (٢١٥٠) من حديث أنس - رضي الله عنه -. والنُّغَير تصغير النُّغَر: فرخ العصفور.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) رواه البخاري (١٤٤٧) ومسلم (٩٧٩) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.