للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بملك العروق، وهذا في غاية الظهور، وبيع ذلك كبيع الثمار. وهو قول أهل المدينة، وأحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد، اختاره شيخنا (١).

المثال الخامس والستون: تجوز قسمة الدَّين المشترك بميراث أو عقد أو (٢) إتلافٍ، فينفرد كل من الشريكين بحصته، ويختصُّ بما قبضه، سواء كان في ذمة واحدة أو في ذمم متعددة؛ فإن الحق لهما، فيجوز أن يتفقا على قسمته وعلى بقائه مشتركًا، ولا محذورَ في ذلك. بل هذا أولى بالجواز من قسمة المنافع بالمهايأة بالزمان أو بالمكان، ولا سيما فإن المهايأة بالزمان تقتضي تقدُّمَ أحدهما على الآخر، وقد تُسلَّم المنفعة إلى نَوبة الشريك، وقد تَتْوى.

والدين في الذمة يقوم مقامَ العين، ولهذا تصحُّ المعاوضة عليه من الغريم وغيره، وتجب على صاحبه زكاته إذا تمكَّن من قبضه، ويجب عليه الإنفاق على أهله وولده ورقيقه منه، ولا يُعدُّ فقيرًا مُعدِمًا، فاقتسامه يجري مجرى اقتسام الأعيان والمنافع؛ فإذا رضي كل من الشريكين أن يختصَّ بما يخصُّه من الدين فينفرد هذا برجل يطالبه، [١٣٤/أ] وهذا برجل يطالبه، أو ينفرد هذا بالمطالبة بحصته، وهذا بالمطالبة بحصته، لم يَهدِمَا بذلك قاعدة من قواعد الشريعة، ولا استحلَّا ما حرَّم الله، ولا خالفا نصَّ كتابٍ ولا سنة ولا قولَ صاحب ولا قياسًا شهد له الشرع بالاعتبار، وغاية ما يقدَّر (٣) عدم


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٤٧، ٢٩/ ٢٢٧، ٤٨٤، ٤٨٧).
(٢) «أو» ليست في ز.
(٣) ك، ب: «يصدر».