للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقرع سمعَه كلامُ الله الذي فيه الخير كلُّه بحذافيره صادفه خاليًا من الشواغل، فتمكَّن فيه من غير مزاحم.

وأما النهار فلما كان بضدِّ ذلك كانت قراءة صلاته سرِّيَّة، إلا إذا عارض ذلك (١) معارضٌ أرجَحُ منه، كالمجامع العظام في العيدين والجمعة والاستسقاء والكسوف، فإن الجهر حينئذ أحسن وأبلغ في تحصيل المقصود، وأنفع للجمع، وفيه من قراءة كلام الله عليهم وتبليغه في المجامع العظام ما هو من أعظم مقاصد الرسالة. والله أعلم.

فصل

وأما قوله: «وورَّث ابنَ ابنِ العَمِّ وإن بعدت درجته، دون الخالة التي هي شقيقة للأم»، فنعم، وهذا من كمال الشريعة وجلالتها. فإن ابن العم من عصبته القائمين بنصرته وموالاته، والذَّبِّ عنه، وحَملِ العقل عنه؛ فبنو أبيه هم أولياؤه وعصبته والمحامون دونه. فأما (٢) قرابة الأم فإنهم بمنزلة الأجانب، وإنما ينتسبون إلى آبائهم، [٣٢٢/أ] فهم بمنزلة أقارب البنات، كما قال القائل:

بنونا بنو أبنائنا، وبناتُنا ... بنوهنَّ أبناءُ الرجالِ الأباعدِ (٣)


(١) في النسخ المطبوعة: «في ذلك».
(٢) في النسخ المطبوعة: «وأما».
(٣) قال العيني في «شرح الشواهد» (١/ ٥٠٢): «لم أر أحدًا منهم عزاه إلى قائله». ونسبه الكرماني في «شواهد شرح الكافية للخبيصي» إلى الفرزدق، نقله عنه البغدادي في «الخزانة» (١/ ٤٤٥)، ولم يرد في «ديوان الفرزدق». والبيت في «الحيوان» (١/ ٣٤٦) وغيره.