للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هاهنا بطريق الأولى، وإن منعناه هناك، فقال القاضي: لا يجوز أيضًا [١١٥/ب] هاهنا لتضادِّ الغرضين؛ لأن وكيل البيع يستقصي في زيادة الثمن، ووكيل الشِّرى يستقصي في نقصانه؛ فيتضادّان. ولم يذكر غير ذلك. ويتخرَّج الجواز ــ وإن منعنا الوكيلَ من الشراء لنفسه ــ من نصِّ أحمد على جواز كون الوكيل في النكاح وكيلًا من الطرفين، وكونِه أيضًا وليًّا من الطرفين، وأنه يلي بذلك على (١) إيجابِ العقد وقبوله، ولا ريبَ أن التهمة التي تلحقه (٢) في الشراء لنفسه أظهرُ من التهمة التي تلحقه في الشراء لموكِّله.

والحيلة الصحيحة في ذلك كله أن يبيعها بيعًا بتاتًا ظاهرًا لأجنبي يثق به، ثم يشتريها منه شراء مستقلًّا؛ فهذا لا بأس به، والله أعلم.

المثال الثاني عشر: إذا قال الرجل لامرأته: «الطلاق يلزمني لا تقولين لي شيئًا إلا قلتُ لكِ مثله»، فقالت له: «أنتِ طالق ثلاثًا».

فالحيلة في التخلُّص من أن يقول لها مثل ذلك أن يقول: قلتِ لي: أنتِ طالقٌ ثلاثًا. قاله أصحاب الشافعي.

وفي هذه الحيلة نظر لا يخفى؛ لأنه لم يقل لها مثل ما قالت له، وإنما حكى كلامها من غير أن يقول لها نظيره. ولو أن رجلًا سبَّ رجلًا فقال له المسبوب: «أنت قلت لي كذا وكذا» لم يكن قد ردَّ عليه عند أحد لغةً ولا عرفًا؛ فهذه الحيلة ليست بشيء.

وقالت طائفة أخرى: الحيلة أن يقول لها: «أنتَ طالق ثلاثا» ــ بفتح


(١) «على» ليست في ز.
(٢) ك: «تحلقه»، تحريف هنا وفيما يأتي.