للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الرابع والثلاثون: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أرشد المفتين (١) لصاحب الشجَّة بالسؤال عن حكمه وسنته، فقال: «قتلوه، قتلَهم الله» (٢)، فدعا عليهم [٢٧/ب] حين أفتوا بغير علم. وفي هذا تحريم الإفتاء بالتقليد؛ فإنه ليس علمًا باتفاق الناس، فإن ما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فاعله (٣) فهو حرام، وذلك أحد أدلة التحريم؛ فما احتجّ به المقلّدون هو من أكبر الحجج عليهم، والله الموفق. وكذلك سؤال أبي العَسِيف الذي زنى بامرأةِ مستأجرِه لأهل العلم؛ فإنهم لما أخبروه بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البكر الزاني أقرَّه على ذلك ولم ينكره (٤)؛ فلم يكن سؤالهم عن رأيهم ومذاهبهم.

الوجه الخامس والثلاثون: قولهم: إن عمر قال في الكلالة: إني لأستحيي من الله أن أخالف أبا بكر، وهذا تقليد منه له، فجوابه من خمسة أوجه:

أحدها: أنهم اختصروا الحديث وحذفوا منه ما يبطُل استدلالهم به، ونحن نذكره بتمامه. قال شعبة عن عاصم الأحول عن الشعبي: إن أبا بكر قال في الكلالة: «أقضي فيها برأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأ فمنّي ومن الشيطان، والله منه بريء، هو ما دون الولد والوالد»، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «إني لأستحيي من الله أن أخالف أبا بكر» (٥). فاستحيا


(١) في المطبوع: «المستفتين» خلاف جميع النسخ.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) ت: «دعا على فاعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) تقدم تخريجه.