للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحديث الذي لا يثبت بوجهٍ أنه «نهى عن قَفيزِ الطحَّان» (١)، وهو: أن يدفع حنطتَه إلى من يطحنها بقفيزٍ منها، أو غَزْلَه إلى من يَنْسِجه ثوبًا بجزء منه، أو زيتونَه إلى من يَعْصِره بجزءٍ منه، ونحو ذلك مما لا غررَ فيه ولا خطرَ ولا قِمارَ ولا جهالةَ ولا أكلَ مالٍ بالباطل، بل هو نظير دفْع ماله إلى من يتَّجر فيه بجزء من الربح، بل أولى؛ فإنه قد لا يربح المال فيذهب عمله مجّانًا، وهذا لا يذهب عمله مجّانًا؛ فإنه (٢) يطحن الحَبَّ ويَعْصِر الزيتون ويحصل على جزء منه يكون (٣) به شريكًا لمالكه، فهو أولى بالجواز من المضاربة، فكيف يكون المنع منه موافقًا للأصول والمزارعة التي فعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه الراشدون خلافَ الأصول؟

[٨٨/ب] المثال السادس والثلاثون: ردُّ السنة الصحيحة الصريحة المحكمة التي رواها بضعة وعشرون صحابيًّا (٤) في أن المدينة حرَمٌ يحرم صيدها (٥)، ودعوى أن ذلك خلاف الأصول، ومعارضتها بالمتشابه من قوله


(١) رواه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٧١١) والدارقطني (٢٩٨٥) والبيهقي (٥/ ٣٣٩) من حديث أبي سعيد الخدري، وصححه عبد الحق الإشبيلي. وانظر: «الإرواء» (٥/ ٢٩٥).
(٢) ت: «لأنه».
(٣) ت: «ويكون».

(٤) منهم علي، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو أيوب الأنصاري، وعبادة بن الصامت، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة - رضي الله عنهم -. انظر: «شرح معاني الآثار» للطحاوي في باب صيد المدينة (٤/ ١٩١ - ١٩٥)، و «الأحاديث الواردة في فضائل المدينة»، للدكتور صالح بن حامد الرفاعي (ص ٦٢ وما بعدها).
(٥) رواه مسلم (١٣٦٢) من حديث جابر - رضي الله عنه -.