للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يدل على صحة هذا القول أن أحكام النكاح التي رتبها الله سبحانه عليه من العدّة والإحداد والميراث، والحلّ والحرمة، ولحوق النسب، ووجوب النفقة والمهر، وصحة الخلع والطلاق والظهار والإيلاء، والقصر على أربع، ووجوب القَسْم والعدل بين الزوجات، وملك الرجعة، وثبوت الإحصان والإحلال للزوج الأول، وغير ذلك من الأحكام (١) = لا يتعلق شيء منها بالزنا، وإن اختلف في العدة والمهر.

والصواب أنه لا مهرَ لبغيٍّ كما دلت عليه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وكما فطر الله سبحانه عقول الناس على استقباحه، فكيف يثبت تحريم المصاهرة من بين هذه الأحكام؟ والمقصود أن هذه الحيلة باطلة شرعًا كما هي محرَّمة في الدين.

وكذلك الحيلة على إسقاط حدّ السرقة بقول السارق: هذا مِلْكي، وهذه داري، وصاحبها عبدي، من الحيل التي هي إلى المَضْحكة [٨٢/ب] والسخرية والاستهزاء بها أقرب منها إلى الشرع، ونحن نقول: معاذَ الله أن يجعل في فِطَر الناس وعقولهم قبولَ مثل هذا الهذيان البارد المناقض للعقول والمصالح، فضلًا عن أن يَشرع لهم قبوله، وكيف يُظنّ بالله وشرعِه ظن السوء أنه شرع ردّ الحق بالباطل الذي يقطع كل أحد ببطلانه، وبالبهتان الذي يجزم كل حاضر ببهتانه. ومتى كان البهتان والوقاحة والمجاهرة بالزور والكذب مقبولًا في دين من الأديان أو شريعة من الشرائع أو سياسة


(١) ز: «أحكام».
(٢) كما في حديث أبي مسعود الأنصاري الذي أخرجه البخاري (٢٢٨٢) ومسلم (١٥٦٧).