للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تسميةُ ما يأخذونه ظلمًا وعدوانًا حقوقًا سلطانيةً، وتسميةُ أوضاعهم الجائرة الظالمة المناقضة لشرع الله ودينه شرعَ الديوان؟ وأي شيء نفع أهلَ البدع والضلال تسميةُ شبههم الداحضة عند ربهم وعند أهل العلم والإيمان (١) عقلياتٍ وبراهين؟ وتسمية كثير من المتصوفة الخيالاتِ الفاسدة والشطحاتِ حقائقَ؟ فهؤلاء كلهم حقيقٌ أن يُتلى عليهم: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: ٢٣].

فصل

ومما يوضّح ما ذكرناه أن (٢) القصود في العقود معتبرة، دون (٣) الألفاظ المجرَّدة التي لم تُقصد بها معانيها وحقائقها أو قُصِد غيرها= أن (٤) صيغ العقود كبعتُ واشتريت وتزوجت وأجرت إما إخبارات وإما إنشاءات وإما أنها متضمنة للأمرين، فهي إخبارات عما في النفس من المعاني التي تدلّ على العقود، وإنشاءات لحصول العقود في الخارج؛ فلفظها موجب لمعناها في الخارج؛ وهي إخبار عما في النفس من تلك المعاني، ولا بدَّ في صحتها من مطابقة خبرها لمخبرها، فإذا لم تكن تلك المعاني في النفس كانت خبرًا كاذبًا، وكانت بمنزلة قول المنافق: «أشهد أن محمدا رسول الله»، وبمنزلة قوله: «آمنت بالله وباليوم الآخر». وكذلك المحلّل إذا قال «تزوجتُ» وهو لا يقصد بلفظ التزوج المعنى الذي جُعِل له في الشرع كان


(١) د: «والدين». وقد صحح في هامشها. وفي المطبوع: «أهل العلم والدين والإيمان».
(٢) في المطبوع: «من أن» خلاف النسختين.
(٣) في النسختين: «وان». والمثبت يقتضيه السياق.
(٤) «أن» وما بعدها مبتدأ مؤخر، والخبر المقدم: «مما يوضح».