للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن كمال حكمة الشارع أن جعل الميراث لأقارب الأب، وقدَّمهم على أقارب الأم. وإنما ورَّث معهم من أقارب الأم مَن ركض الميتُ معهم في بطن الأم، وهم إخوته أو من قربت قرابته جدًّا، وهن جدَّاته لقوة إيلادهن وقرب أولاد أمه (١) منه. فإذا عدمت قرابة الأب انتقل الميراث إلى قرابة الأم، وكانوا أولى من الأجانب. فهذا الذي جاءت به الشريعة هو (٢) أكمَلُ شيء، وأعدلُه، وأحسنهُ.

فصل

وأما قوله: «وحرَّم أخذَ مال الغير إلا بطيب نفسٍ منه، ثم سلَّطه على أخذ عقاره وأرضه بالشفعة، ثم شرع الشفعةَ فيما يمكن التخلُّص من ضرر الشركة فيه بالقسمة، دون ما لا يمكن قسمته كالجوهرة والحيوان»؛ فهذا السؤال قد أورده على وجهين:

أحدهما على أصل الشفعة وأن الاستحقاق بها منافٍ لتحريم أخذ مال الغير إلا بطيب نفس منه.

والثاني: أنه خصَّ بعضَ المبيع بالشفعة دون بعض، مع قيام السبب الموجب للشفعة، وهو ضرر الشركة.

ونحن بحمد الله وعونه نجيب عن الأمرين، فنقول: من محاسن الشريعة وعدلها وقيامها بمصالح العباد: ورودُها بالشفعة. ولا يليق بها غير ذلك، فإن حكمة الشارع اقتضت رفعَ الضرر عن المكلَّفين ما أمكن،


(١) كذا في النسخ. وفي النسخ المطبوعة: «أولادهن».
(٢) «هو» ساقط من النسخ المطبوعة.