للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما بالآخر. وقد جعل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الوفاء بشروط النكاح التي (١) يستحلّ بها الزوجُ فرج امرأته أولى من الوفاء بسائر الشروط على الإطلاق (٢)، فجعلتموها أنتم دون سائر الشروط وأحقَّها بعدم الوفاء!

وجعلتم الوفاء بشرط الواقف المخالف لمقصود الشارع كترك النكاح، وكشرط الصلاة في المكان الذي شرط فيه الصلاة، وإن كان وحده وإلى جانبه المسجد الأعظم وجماعة المسلمين. وقد ألغى الشارعُ هذا الشرط في النذر الذي هو قربة محضة [١٨٨/أ] وطاعة، فلا تتعيَّن عنده بقعة عيَّنها الناذر للصلاة إلا المساجد الثلاثة، وقد شرط الناذرُ في نذره تعيينه، فألغاه الشارع لفضيلة غيره عليه أو مساواته له= فكيف يكون شرطُ الواقف الذي غيرُه أفضلُ منه وأحبُّ إلى الله ورسوله لازمًا يجب الوفاء به؟ وتعيين الصلاة في مكان معيَّن لم يرغب الشارع فيه ليس بقربة، وما ليس بقربة لا يجب الوفاء به في النذر، ولا يصح اشتراطه في الوقف.

فإن قلتم: الواقف لم يُخرج ماله إلا على وجه معيَّن، فلزم اتباع ما عيَّنه في الوقف (٣) من ذلك الوجه، والناذرُ قصَد القربة، والقُرَبُ متساوية في المساجد غير الثلاثة، فتعيينُ (٤) بعضِها لغو.

قيل: فهذا (٥) الفرق بعينه يوجب عليكم إلغاء ما لا قربة فيه من شروط


(١) في النسخ الخطية: «الذي»، وهو سهو.
(٢) كما في حديث عقبة بن عامر الذي أخرجه البخاري (٢٧٢١، ٥١٥١) ومسلم (١٤١٨).
(٣) «في الوقف» من ع.
(٤) في النسخ المطبوعة: «فتعين».
(٥) ع: «هذا»، وكذا في النسخ المطبوعة.